الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الاعلامي المنصف بن مراد يكتب: مقبرة الصّحف الورقيّة التـونسيّــة تـتّـســع

نشر في  24 ماي 2018  (11:45)

رئاسة الحكومة لم تتخذ قرارات حاسمة لمساندة قطاع الصحافة الورقية والالكترونية كما فعلت مع قطاعات أخرى كالجلد والأحذية أو النّسيج أو البعث العقاري أو الفلاحة

إنّ ما يجري في الصحافة الورقية أشبه ما يكون بمجزرة فأين نقابة الصحفيين وجمعية مديري الصحف؟


آخر صحيفة ورقيّة تمّ دفنها هي جريدة الصريح اليومية وهي كارثة اعلامية، لم تهتمّ بأسباب جنازتها لا الحكومة ولا المنظّمات ولا الأحزاب ولا النقابات بينما عشرات من الصحافيين والتقنيين والعمال على الرّصيف مستقبلهم مجهول ولا أحد حرّك ساكنا!

بعد موت «الاعلان» و«الحدث» و«التونسية» و«الفجر» التابعة لحركة النهضة و«الضّمير» و«حقائق» الورقية و«عورابيا» و«ضدّ السلطة» لتوفيق بن بريك و«السور» و«سطور» وكلّها صحف ورقيّة اندثرت في حين تواصل الزّميلة «المغرب» الصّدور في ظروف صعبة أنقذها المنصف السلامي، أمّا جريدة «البيان» فهي تواصل وجودها رغم الخسائر الفادحة ومع انّها على ملك اتحاد الأعراف ونفس الشيء بالنسبة إلى جريدة «الشعب» الذي يملكها اتحاد الشغل علما انّ دار الصّباح حظيت هي وسنيب لابارس بمساندة مالية تفوق 4 مليارات من طرف الحكومة! اذن لم تبق الاّ جريدة الشروق التي تمتلك مقرّها ومطابعها وجريدة لابراس التي تكبّلها ماليا جريدة الصحافة في حين تواصل أخبار الجمهورية Magazine كفاحها الصعب بعد ان تحوّلت إلى مجلة شهرية للنّخب التونسية.

إنّ ما يجري في الصحافة الورقية أشبه ما يكون بمجزرة لم تتحرّك نقابة الصّحفيين بالحزم المعهود لإنقاذ مواطن الشغل والتعدّدية الاعلاميّة، كما أصبحت جامعة مديري الصحف جمعية تظهر على شاشات التلفزة وتخدم مصالحها وتغيب عن السّاحة مثل ما كانت جمعية مديري الصحف قبل 2011. وحتى ان قدّمت اقتراحات للحكومة لحماية الصّحافة المكتوبة فهي فقط لنيل الاشتراكات ولا تهتم بالصّحف التي ليس لها علاقات سياسية واقتصادية كما انّها تقترح معايير لنيل الاشهار تنطبق على الجرائد الممتلكة من طرف أعضاء الجمعية دون سواهم من الذين يمرّون بصعوبات قاهرة أو لا ينتمون للجمعية!

ثمّ لابدّ ان نتذكر انّ رئاسة الحكومة لم تتخذ قرارات حاسمة لمساندة قطاع الصحافة الورقية والالكترونية كما فعلت مع قطاعات أخرى كالجلد والأحذية أو النّسيج أو البعث العقاري أو الفلاحة أو التصدير وكأنّ قطاع الاعلام لايوفّر شغلا لأكثر من 6000 مواطن ولا يلعب أي دور في التعدّدية والحفاظ على مدنية الدولة! فكلّ رؤساء الحكومات ـ دون استثناء ـ ساهموا في قتل الصحافة المكتوبة وعدم دعم الصحافة الالكترونية وهم على علم بمصادر أموال كل المؤسّسات الاعلامية التي ضخّت فيها أموال من الخارج ومن المال القذر، والتي وقع توظيفها لارباك الدولة وبث الفوضى واعطاء الكلمة للارهابيين وزرع ثقافة الميوعة والانحطاط الأخلاقي وربح المال السهل وخدمة كبار الأحزاب وإجبار الطبقة السياسيّة على الانبطاح أمام كبار المنشطين!

ثمّ لماذا لم تعدّ الحكومة برنامجا شاملا  لتأهيل الصّحافة المكتوبة ثمّ المرور الى الالكترونية؟ ولماذا لم تعدّ برنامجا لمساندة الصحافة الورقية والالكترونية كما هو الحال في كل البلدان الديمقراطيّة؟ اذا كانت هناك معارضة لمشروع الوكالة الخارجية للاتصال فسببها هو رفض شراء ذمّة الاعلاميين الأجانب والتغافل في المقابل عن انقاذ المئات من مواطن الشغل ومساندة قطاع استراتيجي الذي يبقى انقاذه  أهمّ من انقاذ بعض القطاعات الأخرى..
إذا كان رئيس الحكومة حريصا على هذا القطاع من منطلق وعيه التامّ بأهمّيته فليتخذ قرارات  عاجلة وإذا كان بحاجة الى أفكار واقتراحات فأنا جاهز.
فكفى قبرا للصحافة التونسية أيّها الساهرون على راحة تونس المدّمرة..